علاء عبد الرحمن
 http://www.factjo.com/manbar/Multimedia/LargeImages/2549M.jpg
د. إبراهيم حمّامي


قبل البدء لابد من تحديد نقاط هامة وأساسية:

* نحترم سيادة الدول عامة ومصر الحبيبة خصوصاً ولا نسمح بالتعدي عليها من أي كان

* السيادة كل لا يتجزأ، ولا يجوز التهاون فيها في ِموقف والتلاعب بها في مواقف

* السيادة لا تخضع للانتقائية او الاستخدام السيئ لتبرير المواقف كما يحدث اليوم

* السيادة هي للدولة والوطن والتراب وليست أداة في يد النظام

* السيادة لا تعني مطلقاً التعدي على حقوق الآخرين

* السيادة الوطنية تخضع لاتفاقات ثنائية وإقليمية ودولية، وليست مزاجية

وقبل البدء أيضاً، نوضح أن البعض غمز، والبعض ألمح، وبعض ثالث صرّح بأن هذه السلسلة تحرف البوصلة عن العدو الحقيقي، وترمي باللائمة على النظام المصري، وردنا بسيط: ما من احتلال عبر التاريخ استطاع أن يكرس احتلاله إلا من خلال عملاء وفرقاء، أما عملاء الاحتلال اليوم فهم من يقبعون في المنطقة السوداء في رام الله، وأما الفرقاء الشركاء فمثالهم النظام المصري الذي يتفنن في قتل وخنق قطاع غزة، والذي شارك ويشارك في حصاره، وبالتالي البوصلة لم تنحرف وما زالت نحو العدو الحقيقي الذي لا يختلف على إجرامه عاقلان، أما العملاء والشركاء فما زال هناك من يدافع عنهم، أو مغرر به، أو وقع فريسة لإعلامهم الموجه، لهذا وجب التوضيح.

لا يستخدم النظام المصري "شماعة" السيادة الوطنية إلا عندما يتعلق الأمر بجريمة يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، هو لم يستخدمها مطلقاً أمام الانتهاكات المتكررة لتلك السيادة، بل تنازل عنها في أحيان كثيرة بمحض إرادته، ولا يستقوي إلا على المستضعفين من أهل غزة، لتبرز السيادة الوطنية حجة يبرر بها أفعاله، بعد أن يستفذ الحجج، أو بعد تفنيد الحجج الواهية، وبأسلوب " ما حدش يفتح بؤه دي مسألة تتعلق بالسيادة"!

لم نستطع أن نسجل حادثة أو موقف واحد تحدث به النظام المصري عن سيادته خارج الشأن الفلسطيني، نقول ولا حادثة واحدة ولا موقف واحد وحبذا لو أسعفنا المدافعون عن النظام ونشّطوا ذاكرتنا، وسبحان الله نكتشف اليوم أن من يتعدى ويهدد هذه السيادة هو قطاع غزة فقط لا غير، لكننا سنرد على هذا الادعاءات وندحض افتراءات هذا النظام الكاره لكل ما هو عربي.


النظام المصري يتنازل عن السيادة المصرية
هذا ليس ادعاء، وبقراءة بسيطة في اتفاقيات السلام المزعوم الموقعة عام 1979 يوثّق بروفيسور عبد الستار قاسم ما يلي:
مصر تتمتع بحكم ذاتي على سيناء وفق اتفاقيات كامب ديفيد لعام 1979، وهو حكم ذاتي شبيه بالحكم الذاتي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية، ويقتصر على إدارة الشؤون المدنية للناس. مسموح لمصر وفق الاتفاقية إدخال لواء واحد فقط من الجيش المصري على أن يتمركز في الجهة الغربية من سيناء، إلى الغرب من ممري متلا وجدي، وهذا يشكل وجودا عسكريا مصريا رمزيا من قبيل الاحترام لمصر، ولا يمكّنها من خوض حرب أو الدفاع ضد عدوان، أو من فرض سياسة معينة. ووفق الاتفاقية، وحتى تحتفظ مصر ببعض ماء الوجه، على الجيش الإسرائيلي أن يبتعد عن الحدود المصرية الفلسطينية الافتراضية كيلومترين فقط. ممنوع على مصر أيضا إقامة مطارات عسكرية في سيناء، في حين أقامت الولايات المتحدة مطارين ضخمين لإسرائيل في النقب كجزء من صفقة توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

مسموح لمصر أن تحتفظ بقوة شرطة محدودة في سيناء بهدف الحفاظ على الأمن المدني، وعلى أن تكون أسلحتها فردية، أي بنادق رشاشة ومسدسات. محظور عليها استخدام آليات أمنية قتالية، وفقط تستطيع استخدام آليات قمع الشغب، أي الآليات المناسبة لمواجهة مظاهرات وغضب جماهيري. ولا تستطيع مصر بناء مدن جديدة في سيناء، ولا تنفيذ سياسة زيادة عدد السكان، والتي تعتبر من ضرورات الأمن القومي المصري.

مصر، وفق اتفاقية كامب ديفيد ملتزمة بأمن إسرائيل، وعليها أن تلاحق الإرهاب والإرهابيين الذين يحاولون المس بأمن إسرائيل، وأن تحول دون تنفيذ أي نشاط قد يخل بأمن إسرائيل. وهذا ما يجعل الاتفاقية أمنية بالدرجة الأولى، وإذا كان لمصر أن ترفض الترتيبات الأمنية الخاصة بإسرائيل لما وقعت إسرائيل، ولما انسحبت قواتها من سيناء. وبناء على هذا، الانفتاح على غزة ممنوع لما ما قد ينطوي على ذلك من مخاطر أمنية لإسرائيل، وعلى مصر أن تبقي الحدود مع غزة مغلقة على اعتبار أنها حدود أمنية بالنسبة لإسرائيل. ولهذا تم تحديد معابر بين مصر وإسرائيل تقوم كل دولة بالإشراف على الحركة من جانبها، ومعبر رفح ليس من ضمنها على اعتبار أنه معبر تتحكم فيه دولة الاحتلال وفق معاييرها الأمن والسياسية.

ولهذا لا تقوم مصر أصلا بفتح معبر رفح بإرادتها هي وإنما تبعا لإرادة إسرائيل. إسرائيل هي التي تقرر فتح المعبر لمدة يومين أو ثلاثة، ومصر تقوم فقط بدور البواب. فعندما نسمع في وسائل الإعلام أن مصر قررت فتح معبر رفح لفترة معينة علينا أن ندرك أن إسرائيل أجازت ذلك، وأن وسائل الإعلام تنسب العمل للنظام المصري زورا وبهتانا. وهذا ينطبق على كل قوافل الدعم المعنوي والمادي لغزة، ولا تستطيع قافلة المرور دون إذن من الأمن الإسرائيلي. أي أن مصر تستخدم فكرة السيادة المصرية والأمن القومي المصري كذريعة إعلامية، وهي لا تعني ذلك أبدا بالنسبة للمطلعين على اتفاقية كامب ديفيد والترتيبات الأمنية"

القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة هي التي تسيطر على سيناء، وهي صاحبة القرار في أي تحرك أمني أو عسكري مصري. هذه القوات موجودة في ممري متلا وجدي الاستراتيجيين، وتمتلك أجهزة إليكترونية متطورة للإنذار المبكر، وتسير دوريات برية وعمليات استطلاع فضائية وجوية وفق إرادتها هي وليس وفق إرادة مصر. أمريكا هي التي تقود هذه القوات، وممثلوها هم الذين يتحركون بحرية في سيناء، وهي التي توجه قوات الشرطة المصرية للعمل ضد جماعات يشتبه أنها تهرب السلاح إلى غزة، أو تتعاون مع المقاومة الفلسطينية بأي شكل من الأشكال.

لم تستطع مصر أن تُدخل قوات إضافية إلى رفح المصرية لتشديد الرقابة على الخطوط الفاصلة بين غزة وسيناء، وكان لزاما عليها أن تأخذ إذن إسرائيل بذلك. وقد ردت إسرائيل بأنه يجب تعديل اتفاقية كامب ديفيد لكي تتمكن مصر من إدخال أعداد إضافية. مصر لم تكن تسعى لإدخال قوات جيش نظامي، وإنما قوات مكافحة الشغب ومراقبة الحدود، وبالرغم من ذلك خضعت لموافقة إسرائيل.

ومع هذا لا يخجل المسؤولون المصريون  من الحديث عن السيادة المصرية على سيناء. سيناء يتم انتهاكها كل يوم من قبل الأمريكيين، ويتم مراقبتها من قبل إسرائيل وتقييد حركة المصريين فيها، ولا يبدو أن المسألة تثير أعصاب النظام المصري إلا عندما يتعلق الأمر بغزة واحتياجاتها".


بحسب النظام المصري سيناء ليست محررة
لا نفتري على أحد لكننا نقرأ الدرس الذي عرضه المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي بتاريخ 19/12/2008 وليكرر موقفه في اليوم التالي أي 20/12/2008 في لقاء مع قناة مصر الاخبارية، وفيها يقول:" أن الأرض المحررة تعنى أن يكون لك عليها سيادة وتستطيع أن تتصرف فيها كيفما شئت وهذا ليس وضع قطاع غزة"، يحق لنا أن نسأل: هل سيناء محررة أم لا؟ بحسب علم الجميع لا تستطيع مصر أن تتصرف فيها كيفما تشاء، ولا تستطيع أن تطير طائرة حربية في أجوائها، ولا تستطيع أن تدخل جندياً واحداً دون اذن، وغيرها من الأمور التي وثقناها هنا، فهل على العالم أن يقتل سيناء وأهلها لاثبات أن هناك احتلال؟ أم أن السيادة في مصر تختلف عنها في غزة؟ ولو طبق تعريف الذكي زكي لمنع الماء والقطر عن جنوب لبنان وعن العراق وعن كل مكان يخضع للاحتلال.


صخرة دايان
مظهر آخر من مظاهر الاذلال الاسرائيلي للنظام المصري مدعي السيادة، وسر لا يعرفه أبناء مصر الأحرار، ما يُسمى بصخرة دايان، وهي صخرة يصل ارتفاعها إلى 12 متراً وعرضها 3 أمتار وضعت بعناية على ربوة عالية بساحل البحر فى منطقة مفارق طرق ويحيط بها الأسلاك الشائكة على مساحة 200 متر مربع ، وتحديداً في منطقة الشيخ زويد على أرض يمتلكها المواطن المصري اسماعيل خطابي وكان “موشيه ديان” وزير الدفاع “الإسرائيلي” آنذاك قد أمر بنحت صخرة ضخمة من جبل موسى المقدس “بدير سانت كاترين” لإضفاء نوع من القدسية على النصب المنحوت على ثلاث وجهات، الأولى على شكل امرأة عربية تحمل طفلها وتهرول ناحية البحر تعبيرا عن الخوف من الصهاينة، والوجهة الثانية على شكل خريطة سيناء منكسة، والثالثة على شكل خريطة فلسطين كما يراها “الإسرائيليون”، فيما حفرت أسماء الطيارين “الإسرائيليين” على الصخرة باللغة العبرية وثبتت في أعلى مكان بالشيخ زويد ليراها جميع أهالي سيناء.

اختار ديان المكان المخصص لإقامة النصب التذكاري بعناية فائقة، فهو المكان نفسه الذي شهد مذبحة مروعة للأسرى المصريين، كما أن ارتفاع المكان عن سطح البحر جعل النصب التذكاري على مرمى البصر من الجميع، وكان يقصد بذلك أن يظهر أن القتلى “الإسرائيليين” أغلى من الشهداء المصريين، والدليل على ذلك أن “إسرائيل” أقامت لقتلاها نصبا تذكاريا يخلد ذكراهم، منقوشة عليه أسماؤهم حتى الآن، أما الشهداء المصريون الذين سقطوا في هذا المكان لا يجدون من يقرأ عليهم الفاتحة.

الإيحاء الآخر الذي تمثله الصخرة، التي سميت باسم “صخرة ديان”، يتمثل في ضخامتها وارتفاعها لتوحي بالهزيمة والانكسار، والمثير أن هذه الصخرة تحولت بعد ذلك إلى “حائط مبكى” جديد يحج إليه “الإسرائيليون” كل عام ليذرفوا دموع التماسيح على قتلاهم، وليتحول الأمر إلى مسمار جحا جديد على أرض مصر، يضاف إلى “أبو حصيرة” والمعبد اليهودي وغيرهما من الأماكن على الأراضي المصرية.

النظام المصري صاحب السيادة لا يبقي الصخرة وحسب، بل يحرسها وينظفها ويعتني بها، ويُسهل زيارة مئات الاسرائيليين لها كل عام، ترى هل يزوروها لتذكر الطيارين الاسرائيليين أم للشماتة بالضحايا المصريين؟ هناك نصبين آخرين في منطقتي نخل والحسنة في وسط سيناء.
أي سيادة تتحدثون عنها يا أصحاب السيادة؟


مواقف لا سيادية
لا نستطيع بحال أن نحصر مواقف الذل اللاسيادية للنظام المصري، وهي كثيرة جداً، من قبيل مقتل مواطن مصري جرح زميلين كانا يرافقانه على متن مركب بحري صغير يعمل في خليج السويس في مجال بيع البضائع للسفن وذلك إثر تعرضهم لإطلاق نار من سفينة نقل مستأجرة لدى البحرية الاميركية تحمل اسم «غلوبال باتريوت» في 24/03/2008 لتغادر السفينة في نفس اليوم ترعاها عين النظام المصري، أو إعادة متسللين اسرائليين إلى سيناء بتاريخ 22/12/2009 دون تحقيق معهما ترعاهما محفة جنود النظام.


الجدار الفولاذي قرار سيادي

استخدم النظام المصري كعادته ورقة السيادة الوطنية لتبرير بناء الجدار الفولاذي لخنق غزة، ويصر على تسميته بإنشاءات، وعلى أنه داخل الأراضي المصرية وبالتالي لا يحق لأحد الحديث عنه، هذا مردود عليه لأن "الانشاءات" في أي دولة تخضع لاتفاقات ومعاهدات، وان كان الأمر كما يدعي أبو الغيط وحسام زكي، لحُق لأوغندا مثلاً أو السودان أن تبني سداً على النيل دون أن يحق لمصر أن تحتج حتى لو عطش شعبها، ولجاز ل "اسرائيل مثلاً أن تردم خليج العقبة، ترهات لا مثيل لها ومبررات واهية لا تنطلي على أحد، وهنا اقتبس مرة أخرى ما كتبه الكاتب والمفكر المصري فهمي هويدي متسائلاً عن حقيقة ما يثار من ان الجدار لحفظ أمن مصر ودفاعاً عنها وعن سيادتها ليطرح الأسئلة التالية:

* إذا كان هناك أي تصور للمساس بأمن مصر الوطني، لماذا لم تلجأ مصر قبل إقامة الجدار إلى التفاهم مع حركة حماس لعلاج الأمر، وهي المسيطرة على القطاع ويتم حفر تلك الأنفاق بعلمها.. وإذا كانت مصر قد تدخلت لوقف اطلاق الصواريخ من غزة نحو المستعمرات الإسرائيلية، ألم يكن الأجدر بها أن تتدخل لدى حماس لوقف ما تتصوره مساسا بأمنها؟

* إذا كان السور دفاعا عن الأمن القومي المصري، فلماذا تنهض به الولايات المتحدة وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، ولماذا تلك الحفاوة الإسرائيلية المشهودة به، ومنذ متى كانت تلك الأطراف مشغولة بالدفاع عن أمن مصر والوطن؟

* منذ متى وبأي معيار موضوع يمكن أن يشكل قطاع غزة تهديدا لأمن مصر؟ وهل يعقل أن يقام الجدار الفولاذي مع القطاع، في حين تظل منطقة الحدود المباشرة بين مصر وإسرائيل (في طابا مثلا) بدون أية احتياطات أمنية، ويرتع فيها الإسرائيليون كيفما شاءوا؟

* أليس الحصار هو المبرر الوحيد للتوسع في حفر الأنفاق، وإذا كانت مصر حريصة حقا على أمنها الوطني، لماذا لا تكثف جهودها وتمارس ضغوطا لرفع الحصار، بدلا من أن تتورط في التصدي للنتائج المترتبة عليه؟

* ما مدى سلامة الموقف القانوني المصري إذا اتهمت أمام المحاكم الدولية ــ ناهيك عن محكمة التاريخ ــ بأنها انتهكت القانون الدولي الإنساني وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة، وأسهمت في حرمان الشعب الفلسطيني من أسباب عيشه الخاصة، الأمر الذي يعتبر اشتراكا في ارتكاب جريمة ضد الإنسانية.

* إزاء الحفاوة الإسرائيلية بالموافقة المصرية على بناء الجدار، هل يمكن القول إن تطابقا حدث في الرؤية بين الأمن الوطني الإسرائيلي والأمن القومي المصري؟

* لا خلاف حول حق مصر في الدفاع عن أراضيها والحفاظ على أمنها. لكن ألا يستحق المساس بالأرض أو تهديد الأمن إجماعا وطنيا، بحيث يعرض على مجلس الشعب على الأقل، بدلا من أن يُحاط الشعب المصري علما به من إحدى الصحف الإسرائيلية؟

حين يفكر المرء في إجابة تلك الأسئلة فسوف يدرك أن إقامة الجدار لا علاقة له بأمن مصر، وإنما هو في حقيقته استجابة لدواعي أمن إسرائيل، فرضتها السياسة الأمريكية وقامت بتنفيذها تحت أعيننا،ولكننا أغمضنا وسكتنا، إلى أن قامت الصحافة الإسرائيلية بكشف المستور وفضح المسكوت عليه".


شهادات حسن سيرة وسلوك للتغاضي عن السيادة
ويضيف فهمي في مقاله المنشور بتاريخ 29/12/2009 تحت عنوان "الجدار حماية لأمن اسرائيل":
 قبل استعراض تلك الأسئلة، فإنني أذكر بشهادتين تسلطان الضوء على خلفية الموضوع وملابساته.
الشهادة الأولى مصرية، للسفير المصري السابق إيهاب وهبة الذي نشر في جريدة «الشروق» (عدد 2009/2/1) ثلاث ملاحظات على ما يجري على الحدود، يهمنا اثنتان منها في السياق الذي نحن بصدده.
الأولى كانت حول انتهاكات إسرائيل المستمرة لما أوردته معاهدة السلام المبرمة عام 1979 والخاصة بصيانة الحدود واحترامها، وتركزت الملاحظة حول استمرار العدوان الإسرائيلي على الشريط الحدودي مع مصر منذ وقوع العدوان على غزة، الذي يمثل تهديدا حقيقيا لأمن مصر «حيث تقوم إسرائيل بقصف هذه المنطقة بمختلف أنواع الأسلحة والصواريخ والقنابل، التي أحدثت الكثير من الأضرار بالمباني داخل الحدود المصرية وروعت المواطنين. بل وأوقعت بهم إصابات مختلفة.

كل ذلك إلى جانب تدمير الأنفاق التي تدعي إسرائيل أنها تُستخدم في تهريب السلاح إلى غزة».
في الملاحظة الثانية تحدث الدبلوماسي المصري عن تقرير اطلع عليه صادر في عام 2008 عن مركز أبحاث الكونغرس (ذكر رمزه ورقمه) وكانت الأنفاق موضوعه الأساسي، حيث استعرض كل التفاصيل المتعلقة بها.
وذكر التقرير الذي وزع على أعضاء الكونغرس أن لجنة الاعتمادات قررت حجب 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر، إلى أن تتأكد الخارجية الأمريكية من أن مصر أوقفت التهريب عبر الأنفاق ودمرتها.
الشهادة الثانية إسرائيلية، وقد وردت على لسان عاموس جلبوع رئيس قسم الأبحاث الأسبق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وهو يميني متطرف يكن عداء واحتقارا شديدين للعرب عامة والفلسطينيين بوجه أخص، لكنه من أشد المتحمسين لتوثيق العلاقة مع مصر، ويعتبر أن اتفاقية كامب ديفيد أهم حدث بعد تأسيس الدولة العبرية.
هذا الرجل اشترك في برنامج حول وضع إسرائيل الاستراتيجي في العام الجديد، جمعه مع عدد من المستشرقين وبثه راديو تل أبيب في 11/18 الماضي. وكان مما قاله النص التالي:

إن العلاقات مع مصر تمثل أهمية كبرى بالنسبة لإسرائيل. والمتابع للسياسة المصرية يلاحظ أن نظام الرئيس مبارك خرج عن طوره بسبب مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر، حتى أصبح يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لكنه ينتهج سياسة مغايرة تجاه إسرائيل
 فإلى جانب التزام النظام المصري الصمت عندما قمنا بحملة (الرصاص المصبوب) ضد غزة مؤخرا، فإنه وفر الأجواء لاستمرارنا في الحملة، رغم سقوط المئات من الفلسطينيين، كما أنه منع أي تحرك عربي لصالح الفلسطينيين خلال الحرب (يقصد إفشال مصر لمؤتمر القمة الذي دعت إليه قطر)..
وفي أحيان عدة يتم قتل جنود مصريين (بواسطة الإسرائيليين) ممن تواجدوا بالقرب من الشريط الحدودي، لكن الحكومة المصرية لم تقم بأي إجراء.
وهذا يدلل على وجوب تحقيق إجماع داخلي حول استراتيجية العلاقات مع مصر.
وفي الوقت ذاته يجب أن نحث جماعات الضغط اليهودية وأصدقاءنا في الكونغرس، لعدم الضغط على النظام المصري في كل القضايا الأخرى.
ويجب أن يعلم الجميع أن نظام مبارك مهم لنا، ويجب توفير الأجواء المواتية لضمان تشجيع كل الذين يسيرون على خطاه».


عودة للسيادة المصرية

خلاصة القول أن النظام المصري لا يتذكر السيادة المصرية إلا للاستقواء على الضعفاء، ليهدد أبو الغيط بكسر ايديهم وأرجلهم، وليضع هذا النظام العراقيل أمام قوافل الاغاثة كما فعل مع قافلة شريان الحياة 3 التي أصر على عودتها لتدخل من ميناء العريش بحجة القرار السيادي، علماً بأن القافلة التي سبقتها - أميال من الابتسامات - تم تعطيلها 33 يوم في العريش وما حول العريش قبل دخولها غزة، و لا ندري كيف أن الدخول من منفذ رسمي مصري – نويبع- يعتبر تعدياً على السيادة المزعومة.
إن "شماعة" السيادة يستخدمها النظام المصري في أبشع الصور، وهو الذي فرّط ويفرّط بالسيادة المصرية ليل نهار، ولا تعني له إلا تبرير المواقف الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، لأن سيادة مصر بنظر نظامها هي فقط وبشكل حصري ضد هؤلاء.
ترى هل بقي لهذا النظام ادعاء بالسيادة المنتهكة على يديه، وهل بقي من يدافع عن مثل هذا النظام؟

0 تعليقات