علاء عبد الرحمن



بقلم الدكتور :حسن يوسف الشريف – يقظة فكر

لا ينكر أي باحث عربي جاد مدى التراجع والفوضى والتخبط الذي تعيشه النظم العربية وعلى كل المستويات العلمية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية سواء على مستوى الداخل العربي أو على المستوى الخارجي . 
لقد وصل وضع النظم العربية إلى اهتمامهم فقط بالخطر الداخلي والمتمثل في حركات الإصلاح الوطنية بينما تغض النظر عن المخاطر الخارجية التي تهددها وخاصة قوى الهيمنة على الشرق الأوسط والمتمثلة في المشروع الصهيوأمركي والذي يستخدم كل وسائله للقضاء على أي حراك وطني يساهم في إحداث نهضة عربية حقيقية.
لقد أصبح واضحاً للمراقبين أن معظم النظم العربية وصلت إلى درجة عالية من التنسيق الأمني مع الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأمريكية والإسرائيلية وعلى حساب مصالحنا العربية وهذا هو النهاية في الوصول إلى قمة التبعية لهذا الأخطبوط الصهيوأمركي.
إن النظم العربية وبلا استثناء لا تحسن التعامل مع شعوبها إلا بالوسائل القمعية (الأمنية والعسكرية) ، وهي الوسائل التي قامت في الأصل للحفاظ على أمن الوطن ضد المخاطر الخارجية.. إنهم يستخدمون كل وسائل القهر مع شعوبهم، تماماً مثل ما يتعامل قوات الاحتلال مع الشعوب المحتلة. 
لذلك فهم دائماً حريصون على إجهاض أي حركة وطنية للإصلاح وإن كان التاريخ يعدها من كبرى حركات التحرر الوطني… وهل ينكر باحث جاد أن حركة الإخوان المسلمين التي أسسها الإمام ” حسن البنا ” قد قامت وفي وقت واحد بمقاومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين والاحتلال البريطاني على طول مدن القناة في مصر، وحتى أشد خصومهم بعد الوصول إلى الحكم يعترف لهم بذلك ” جمال عبد الناصر ” فماذا كان جزاؤهم بعد الثورة وإلى الآن ؟!.
وبناء على ما سبق فإن النظم العربية وقد أصبح واضحاً لكل ذي عقل أنها على علاقة قوية جداً بأعداء الأمة التاريخيين – إسرائيل وأمريكا – وعلى علاقة سيئة جداً مع شعوبهم والواضح أنهم رافضون للحوار مع حركات الإصلاح الوطنية. 

لذا فلابد من مراجعة للوسائل والأهداف التي تستخدمها الحركات والأحزاب الوطنية في سعيها لإنقاذ الشعوب العربية من التبعية لأعدائها التاريخيين وهم مجمع الشيطان الصهيوأمركي
ونحن نرى أن الاستقواء بالخارج لإزالة النظم الاستبدادية هو كمن استجار من الرمضاء بالنار وهذا هو الواضح من التجربة العراقية واستعمار أمريكا للعراق بعد تدمير أعادها لما قبل التاريخ. وهنا نحتاج إلى فصل المقال في الإشكاليات التي تقف أمام حركات الإصلاح الوطنية ” أحزاب – جماعات “. إذا كانت النظم لن تسمح لنا بالعمل الجاد للإصلاح ولن تسمع لنا معها بالحوار والشفافية، ولن نستقوى بالخارج أبداً ضد أوطاننا، وإذا طبقنا بعض وسائل التعبير عن الإصلاح مثل التظاهر أو التجمعات أو العصيان المدني فسيسحقوا كل هذا، فهل معنى هذا أن نسكت حتى يطلبوا منا الذهاب للحوار معهم؟ وهذا لن يحدث لأنهم مصرون على تجاهل كل الحقائق التي تكشف الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي!!. وهل معنى هذا أن نسكت لحفظ أرواحنا وأرواح الناس؟.. إنه لابد من تقديم التضحيات مهما كانت من أجل الإصلاح والتنمية الناجحة والتحرر من التبعية الأمريكية. 
وهنا ملاحظات يمكنها أن تساهم في اختيار الأفكار الإصلاحية لأوطاننا العربية :-
1- أننا في مقاومة الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي كانت هناك مرحلتين الأولى المقاومة وتقديم التضحيات. والثانية الاستقلال وتحقيق الأمنيات. فهاهنا أيضاً لابد من مرحلة طويلة في تقديم التضحيات بلا ملل ولا كلل ولا ضعف ولا تراجع مهما طالت الفترة فالنظام العربي لا يكتفي باستخدام قوى الأمن الداخلي فقط في قمع المعارضة بل جيوشه في الحقيقة ليست مرصودة لتحرير القدس والأقصى وفلسطين المحتلة بل هي مرصودة لقمع أي حركة جادة تعمل من أجل الإصلاح الوطني فقد رأيناهم عند دخول القوات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى وقتل المصلين ومنع الصلاة فيه، وبناء كنيس يهودي على بعد أمتار من المسجد الأقصى ولم يفعلوا شيئاً، ونفس السلوك فعلوه في ضم إسرائيل للمسجد الإبراهيمي بالخليل ومسجد بلال بن رباح ببيت لحم ولم يفعلوا شيئاً!!. 
2- أن سلوكنا في مقاومة الاحتلال يختلف عن سلوكنا في مقاومة هؤلاء الطغاة والمستبدين الفاسدين الذين يحكمون بلادنا برغم أن سلوكهم في تعاملهم مع شعوبهم – كما قلنا مراراً- هو نفس تعامل قوات الاحتلال مع الشعوب التي تحتلها. إلا أننا يجب ألا نستخدم السلاح مع حكوماتنا المستبدة لأن رجال جيوشها وأمنها هم من أبناء الوطن ويعانون مثلما نعاني وربما مع استمرار مناهضتهم وحربهم ضد حركات الإصلاح يعلنون انضمامهم إليها مهما كلفهم ذلك من تضحيات، وذلك بعد أن يتبين لهم مدى حرص المعارضة على تقدم الوطن وأمنه وأستقراره. 
3- أن ثقافتنا العربية قد علمتنا أن أجر التضحية في مواجهة الخطر الخارجي هو نفس أجر التضحية في مواجهة الاستبداد الداخلي، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله”.. فحمزة استشهد في مقاومة خطر خارجي في “غزوة أحد” التي اقتحمت فيها جيوش الأعداء حدود الدولة الإسلامية، بينما الثاني استشهد في سبيل الإصلاح الداخلي رغم أن سلاحه كان هو الكلمة فقط فهو في درجة سيد الشهداء حمزة.
0 تعليقات