مختار نوح | 03-02-2010 - المصريون
المهم ... أن ذلك التفوق فى الأمم لا يدوم طويلاً ... متى تم العبث فى محركات الطائرة كما سبق القول ... فموتور هذه الطائرة يتكون من عناصر أهمها العدالة والحرية والديمقراطية وحماية حق الآخرين فى تداول السلطة وإحترام حقوق الإنسان وغير ذلك كثير ... فإذا ما أفسدت السلطة فى الموتور عنصراً من هذه العناصر تعرضت الدولة للسقوط والهبوط الإضطرارى رغم أنف الجميع ... وأهم نتيجة لهذا الهبوط هو ظهور " الرويبضة " ... والرويبضة هو العلامة الواضحة فى وجه المجتمع ... وهو ليس " بالوحمة " ... ولا " بالخراج " ولكنه تشوه رهيب وسرطان حقير يدمر جسد الأمه ... إلا أن الرويبضة يظهر كنتيجة حتمية لمخالفة قواعد " قوة الأمم " ثم لا يخرج من جسد الأمة إلا بعد علاجها ... بقى إذن أن نعرف من هو الرويبضة ... حتى إذا ما شاهدناه علمنا أننا أمام حزب أو جماعة أو دولة أو أمة فاسدة ولن تجد فى معاجم اللغة من يشرح لك من هو "الرويبضة" أبلغ مما ورد فى الحديث عندما سئل الرسول(صلى الله عليه وسلم) وهو يحذرنا من علامة ظهور "الرويبضة" كعلامة من علامات خلل المجتمعات فقال " هو التافه يتكلم فى أمر العامة " ...
والعجيب يا ساده أن المتأمل لمجتعاتنا الآن لا يجد إلا " الرويبضة " فهو فى غالب الأمر المتحكم فى أجهزة ووسائل وبرامج الإعلام وهو رئيس القسم ومدير الفرع وهو المسؤول المختص ... وإذا صدر قرار باقالة " الرويبضة " فإنك تجد من يتم تعيينه " رويبضة " أيضاً وبدرجة كبير الرويبضيين ... حتى الإهتمامات العامة انتقلت من الدفاع عن القوميات وعن أمن البلاد إلى اهتمام من النوع " الرويبضى " ... وأصبح آخر الإنتصارات هو إنتصار " أكتوبر العظيم " أما الإنتصارات التالية فهى إنتصارات وهمية لشعب لم يجد ما ينتصر له أو ينتصر منه ... بعد أن اغلق الأعداء أمامه ... وبسبب ضعفه ... أبواب الإنتصارات فى العلم والتكنولوجيا والفنون والآداب ... وحتى اللذين يتصدرون أبواب الفنون فهم من عديمى الإبداع فإذا كان الفن هو الأدب فلا نجد لدى من يتصدر للأدب رائحه من الأدب ولا إجادة للغة قومه ... وحتى الترفيه أصبح ترفيهاً تافهاً ساقطاً يلقيه " الرويبضة " على العامه فالفوازير التى كانت فيما مضى وسيله لنقل المعلومات يؤلفها "بيرم التونسى" وتلقيها "آمال فهمى" .. تحولت الآن إلى وسيله للنصب والميسر ولعبة الثلاث ورقات والقمار ... كما سيطر" الرويبضة " على التاريخ فلا يتم عرض إلا التافة من التاريخ أما عظمة الاجداد فيتم السخرية منها من " الرويبضة" وموظفيه وأصحابه ولإن " الرويبضة " لا يعرف " الألف من كوز الذرة " فلم يتم تعيين أحد الرويبضيين حتى الآن كوزير " للطاقة النووية " ليس لإننا لم يعد عندنا طاقة ولا نووية ولكن لإننا حتى لو قمنا باستيراد النووى فلن نجد " رويبضة " يفهم كيف يتعامل مع هذه المفاعلات ... وإذا ما تأملت أعلى قيادات الحركات الإصلاحية فى بلادنا نجد أن ميكروب " الرويبضة " قد تسلل اليهم أيضاً فلم يعد القادة هم القادة وأصبحت المسئوليات تسند إلى أهل القربى والإنصياع الأعمى والتحزب ويتم محاربة أهل الكفاءه والإبداع والتألق .. وهكٍذا يا ساده تسقط الأمم والجماعات أما العلاج فأمره سهل ميسور فالطائرة التى تهبط إضطرارياً لعطل فى محركاتها ... هى التى تصعد إختيارياً ... إذا ما أصلحت العطل وليكن أول ما نبدأ فى إصلاحه فى الموتور هو ترس العدالة ... والتى بدونها تهلك الأمم والجماعات والأحزاب والدول ... مهما تترست من الهلاك بأسباب الدنيا ... ومن العدالة أن يوسد الأمر إلى أهله وأن نستعين بأهل الكفاءة والعطاء وأن نكف عن سرقة إرادة الأمة بالتزوير وأن نعطى لكل ذى حق حقه ... وأن نطرد من ديارنا كل " رويبضة " أتينا به بإرادتنا وبضعفنا وبحبنا للتسلط ....
وبهذه المناسبة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" ....